Tuesday, September 17, 2013

شاهد عيان - 56 -


عمر الفاروق
https://www.facebook.com/omar.elfarouq



في هذة الحلقات سأتناول شهادتي ببعض التفصيل ﻷحداث مجزرة الفض وما تبعها وما قبلها؛ وكيف كنا نستعد للأمر ؟! وكيف صارت الأمور والتطورات خلال 12 ساعة دامية من تاريخ مصر !!
-----

#مجزرة_الفض ( الأربعاء 14 أغسطس 2013 م ) كنت شاهداً .. ( الحلقة الأولى )
:
* ليلة مجزرة الفض كنت متواجداً ب #المستشفى_الميداني ب #رابعة_العدوية كالعادة؛ تواترت الأنباء عن تحركات مريبة للأجهزة الأمنية بالقاهرة ومحيط مدينة نصر؛ قمنا فوراً بإعلان حالة الطوارئ (في حدود الواحدة بعد منتصف الليل) تقريباً؛ تم إستدعاء كافة الأطقم الطبية وإستنفار جميع العاملين بالمستشفى الميداني تحسباً لفض الميدان أو حدوث أي طارئ لا قدر الله ! 

"بالمناسبة إعلان حالة الطوارئ والإستنفار بالمستشفى الميداني إجراء كنا نسارع إليه فور ورود إلينا أي معلومات عن تحركات لقوات الأمن أو البلطجية؛ وأيضاً عند خروج مسيرات يتوقع الإحتكاك بها واتخذ عشرات المرات قبل مجزرة الفض"

* عند الثانية والنصف بعد منتصف الليل "تقريباً" تم إعلان فك حالة الطوارئ "مؤقتاً" مع بقاء الجميع في حالة تأهب لترك الفرصة لفريق المستشفى الميداني لتناول طعام السحور وأخذ قسط يسير من الراحة؛ ثم صلينا الفجر وخلد الجميع إلى النوم.

* لم يتسنى لنا تناول طعام السحور في هذا اليوم وكنا نتوقع يوم عصيب ؛ صليت الفجر وبعد قليل خرجت ﻷول مرة ﻷتجول في الميدان منذ بداية الإعتصام ( لم أكن أعلم اني ألقي عليه النظرات الأخيرة وأودعه قبل أن يقتلوا فيه كل شيئ!! ) لاحظت وجود كثيف ﻷفراد أمن الميدان خصوصاً في محيط المنصة وسيارات البث والمستشفى الميداني؛ وتم غلق الكثير من الطرقات بشكل لافت للنظر!

* بعد جولة قصيرة صحبني فيها أحد أعضاء الفريق الإعلامي بالمستشفى غادرنا الميدان من بوابة الطيران ( خلف المنصة ) لنبحث عن مطعم نقتات منه  ! لم نلحظ أي تحركات غريبة أو إجراءات إستثنائية .. فقط بعض الحذر والترقب من الجميع !! ؛ عدنا للميدان في حدود السادسة تقريباً ؛ تركني صديقي أمام المركز الإعلامي بقاعة 2 واضطر ان يغادر الميدان ﻷمر هام؛ واصلت طريقي للمستشفى وبعد دقائق بسيطة هاتفني صديقي ليخبرني أن مدرعات الجيش تتحرك الآن أمام مقر النادي الأهلي بمدينة نصر ثم قام بإلتقاط صورة وأرسلها لي عبر الواتساب! 

* على الفور أخبرت المنسق الطبي للمستشفى وبدوره قام بإيقاظ الجميع وإعلان حالة الطوارئ؛ في خلال دقائق بسيطة للغاية كان الجميع على اتم الإستعداد وتم مراجعة الأطباء والتمريض والفريق الإعلامي وفريق التوثيق والأمن .. الجميع يؤكد على جهازيته التامة .. تم توزيع أقنعة الغاز والنظارات على الجميع .. استمعنا لكلمة قصيرة من أحد منسقين المستششفى .. المعنويات كانت في السماء .. الكل يعرف دوره جيدا .. الآن نتنفس الصعداء .. المستشفى على إستعداد تام ﻹستقبال الحالات !



#مشاهد_من_المذبحة
:
لم يكن الإسعاف متعاوناً معنا .. كان يقف ليشاهدنا نقتل دون أدنى تدخل !!
خرج المسعفين التابعين للمستشفى الميداني بزيهم المميز يحاولون القيام بالدور المنوط بهيئة الإسعاف القيام به ؛ حملوا رايات بيضاء ولوحوا بها للعسكر يريدون أن يخبروهم اسمحوا لنا فقط بنقل المصابين خارج المستشفى لننقذ حياتهم .. لكن لا حياة لمن تنادي !!

يأس المسعفون من إستجابة قوات العسكر ..
حاولوا هم إخراج المصابين على نقالات المستشفى ..
فور إقترابهم من بوابة الخروج تم قنص إثنان منهم بشكل مباشر وكان مصيرهم هو نفس مصير الجثامين والإصابات التي ارادوا نقلها ..



#مشاهد_من_المذبحة (2)
:
بعد أن أجبرنا العسكر بقوة السلاح وتحت وابل من النيران والغاز المنهمر على إخلاء #المستشفى_الميداني "مع عدم السماح لنا بإصطحاب المصابين أو جثامين الشهداء خارج المستشفى" رفضت طبيبة فاضلة الإمتثال لأوامرهم وترك المكان قبل أن تكمل علاج المصاب الذي بين يديها وصاحت في ضابط الجيش : 

"حرام عليكم سيبني أكمل علاجه وأحاول أنقذ حياته وهخرج" 

فرفض ضابط الجيش طلبها فأصرت على موقفها ورفضت الخروج وترك المصاب .. فما كان من هذا الضابط إلا أن أخرج مسدسه وقام بتصويبه إلى المصاب وأطلق الرصاص وأرداه قتيلاً وصرخ فيها قائلاً أهو مات خلاص أخرجي بقى !!



#شهر_على_مذبحة_رابعة في هذة الأثناء كنا نجلس بالطابق السادس من مركز رابعة الطبي ( بعد أنا نقلنا المستشفى الميداني هناك ﻷن العسكر كان قد اقتحم الأولى ) نمارس عملنا والجثامين حولنا ونعاني من تكدس شديد نتيجة لوحشية العسكر وقتلهم للالاف من المعتصمين السلميين ولا مكان لموضع قدم في كل المركز ؛ لم يسلم طاقم #المستشفى_الميداني من نيران العسكر .. اثنان من الأطباء يمارسان عملهما بالطابق الثاني والثالث تم استهدافهما من خلف الزجاج من قبل قناصة العسكر ولقيا نفس مصير من كانوا يحاولون إسعافهم !!
_____________________________________________________

#شهر_على_مذبحة_رابعة الان بدأ الهجوم على #المستشفى_الميداني بالرصاص الحي والغاز .. القوات تقترب أكثر فأكثر .. اقتحموا الطابق الأول .. المستشفى بطوابقها ال6 جميعها تكتظ بجثامين الشهداء وانات المصابين .. مازلنا في الطابق السادس .. لا ندري تحديداً ماذا يجري بالأسفل ! دقائق وشاهدنا من النوافذ بعض أطباء المستشفى يغادرون المبنى تحت تهديد السلاح !! مازلنا نحن بالأعلى نمارس عملنا !!
_____________________________________________

#شهر_على_مذبحة_رابعة الجميع غادر المستشفى الميدانبي تقريباً ؛ نحن مازلنا بالطابق السادس !! أدركنا أننا أمام مصيرين لا ثالث لهما ؛ إما الموت أو الإعتقال !!

أصدرنا بيانا سريعاً أعلنا فيه أننا نغادر المستشفى تحت تهديد السلاح وتركنا خلفنا المئات من جثامين الشهداء والمصابين وحذرنا العسكر من المساس بهم وحملناهم المسؤولية الكاملة عن ما قد يحدث لهم لاحقاً !!

كنا ندرك أن من قتل من الممكن أن يحرق ويسرق وكنا نتخوف من حدوث ذلك وقد كان !!
__________________________________________________

#شهر_على_مذبحة_رابعة في هذة الأثناء تقريباً بلغ منا التعب مبلغه ؛ أصابنا الإعياء جراء إختناقنا الشديد من تدافع الغاز الينا وأحسست بعجز القناع عن القيام بدوره ! كان أمامنا طريقتين للموت .. إما خنقا بالغاز أو برصاصة غادرة حقيرة !
يا لسخرية القدر ! جيشنا الحبيب ترك لنا الخيار إما الموت أو الموت ... ليس هناك حياة !! 

توكلنا على الله وغادرنا مكاننا وبدأنا في الهبوط طوابق المستشفى الست !!
______________________________________________________

#شهر_على_مذبحة_رابعة في طريقنا للهبوط نمر على الطوابق السفلى نشاهد الدماء في كل مكان ؛ الجثامين تفترش الأرض حتى دورات المياة !! لا كرامة لميت !!
يدور شريط الذكريات سريعاً .. هنا صلينا .. هنا تسامرنا ... هنا دعونا الله ... هنا قضينا أجمل أوقات ... هنا شاهدنا دماء إخواننا تسيل !!! 

يا الله .. قتلوا كل شيء .. هل يمكن أن تسمح لهم بالمرور بعد كل هذة الدماء ؟!
______________________________________________________

#شهر_على_مجزرة_رابعة بينما نحن نواصل طريقنا في الهبوط للطابق السفلي شاهدنا موقف يشيب له الولدان ..!!
طبيبة تملك كل مقومات الإنسانية تقاوم ضابط منعدم الإحساس والمشاعر يريد أن يجبرها على مغادرة المشفى قبل أن تكمل علاج المصاب الذي بين يديها .. ترفض الطبيبة الإنصياع لهذا الفاقد للإنسانية .. يصر الضابط على طلبه وتصر الطبيبة على موقفها .. الإنسانية في مواجهة الهمجية والسلاح !! 

يخرج الضابط سلاحه يوجه للمصاب ويطلق الرصاص فيرديه قتيلاً ثم يصيح في الطبيبة ... ارتحتي كدة ؟! أهو مات خلاص .. اخرجي بقى !! 

أبعد هذا يمكن أن يمروا يا الله ؟!

عمر الفاروق ..
المنسق الإعلامي للمستشفى الميداني برابعة العدوية
28-8-2013

No comments:

Post a Comment