Tuesday, August 20, 2013

شاهد عيان - 14 -





د.أحمد فهمي



يوم الاربعاء 14 اغسطس فجرا  اعلنت حالة الطواريء في المستشفي كاجراء احترازي و هذه عادتنا من اسبوع تقريبا 

صلينا الصبح و رددنا الاذكار و كانت نوبتجيتي في الاستقبال حتي الثامنة صباحا فجلست مع الاحباب في باحة المشفي و كان الحديث عن حالة الطواريء شبه الدائمة كانت الجلسه هادئة و محببة للنفس تواردت الاخبار في الساعه الخامسة و النصف ان المدرعات تحاصر المكان فقلنا تهديد لن يضرب بالمدرعات فقد جرب الفض و فشل و لم نلق بالا لما يحدث و للاخبار الوارده فقد اعتدنا عليها لما زاد تدفق الاخبار و تم تأكيد نية الفض تحولت دفة الحديث عن ذلك قليلا و ذلك بعد السادسه صباحا بعد السادسه بدأ القلق يزداد شيئا فشيئا و في السادسة و النصف أعلنت حالة الطواريء و تهيأنا لاستقبال الحالات الكثير استغل الوقت لصلاة الضحي و اعطي منسق المستشفي التعليمات واضحه عن تنظيم العمل 

في السابعة تماما دخلت الاصابة الاولي الي المستشفي و كانت طلق ناري في الصدر يلفظ انفاسه
الاصابة الثانية طلق ناري في الرأس أخرج جزءا من المخ الي خارج الرأس نادي الطبيب المسؤول هنا ( اسعااااااااااف )
الاصابة الثالثة المخ بكامله في يد احد من يحملون المريض هذا شهيد ارتقي 

يااااا الله لم نعتد هذه البدايات 
ثم توالت الاصابات علينا بشكل مسعور اغلبها اصابات في الرأس و الصدر

انقطعت الكهرباء و بدأ العمل بالمولد الاحتياطي اصابات الاطراف كنا نعتبرها حالات عاديه حروق الدرجه الثانيه بسيطه 

الموازين هنا مختلفه نحن في مذبحه فعلا الساعه العاشرة تقريبا بدأ اطلاق الرصاص علي المستشفي و اصيب بعض الاطباء و اخذنا امر الاخلاء اترك ما في يديك اترك كل ما يدل علي انك طبيب في المستشفي الميداني و الامر بالانسحاب من المستشفي فورا لم يعترض احد شفاهة و لكن الكثير لم ينفذوا امر الاخلاء

بقوا لاسعاف المرضي كنت احد من نفذوا الاخلاء خرجنا الي الممر المؤدي الي المركز الاعلامي زحام شديد جدا و ضرب الرصاص قريب جدا قنابل الغاز تكاد تفقدنا القدره علي السير دخلنا المركز الاعلامي

لا علاقة له بالاعلام اﻷن فقط دماء و شهداء و كثيرون يسعون للانقاذ وقتها رأيت اخي عبد الرحمن الديب الذي لم القاه قبلا يشع النور من وجهه كان  قد ارتقي

 خرجنا من الباب الامامي للمركز و هنا توقفت مع اخواي احمد سمير و عمر الحوت قلنا انفر من المعركة انكون ممن يولون الدبر انترك اخواننا يقتلون اخذنا قرار العودة و كان صعبا الغاز يعمينا و الرصاص صوته مرعب و في طريق العودة رأينا العجب الحجارة في مواجهة المدفع و الطائرة الحجارة ترعبهم  بماذا يذكرني المشهد ....

الابطال بالحجارة ارجعوا جيش الاحتلال حتي طيبة مول عدنا الي المستشفي الميداني وجدناها تعمل كما كانت مع تغيير بعض الافراد بدأنا العمل معهم مع مرارة في الحلق اننا نفذنا امر الاخلاء في البداية وجدت احد المصابين و قد اصيب برصاص في الشريان الفخذي النزيف هائل و المصاب غير واع لما حوله فقط يتنفس و شاحب جدا 

تعاملت مع المصاب و استدعيت جراح اوعيه و تم وقف النزيف و استقرت الحالة وقتها دخلت فتاه مصابة برصاص في الصدر حاولنا تقديم العون

تم تركيب انبوبة صدرية لسحب الدم النازف و تم إعطائها الكثير جدا من المحاليل و بعثنا نطلب كيس دم من بقايا بنك الدم التابع للمستشفي التي تم قصفه هو الاخر بدأت تستعيد الوعي و تتألم و لكن ابتسامتها كانت هادئه

اصابات و شهداء الاعداد غير قابله للحصر  

اقسم ان اليهود ارحم من هؤلاءالاسعاف ممنوع من نقل الحالات لساعات طويلة الاطباء يعملون باستماتة لانقاذ ما يمكن انقاذه  النساء منهن من تبكي و منهن من تفوقنا ثباتا و تقوم بتثبيتنا بعد قليل سألت احد الشباب من فريق المستشفي لما وجدت انس البلتاجي و اخاه الاصغر مع الفتاه (مين دي؟ ) قالي اسماء البلتاجي لما تأخر كيس الدم اقترح شقيقها أنس ان ينقل الدم منه اليها مباشرة 


و جاء القرار بنقل كل الحالات الي مركز رابعه الطبي بدأنا في نقل الحالات و امرنا بالذهاب الي هناك لعلاج الحالات

و أنا متوجه الي هناك حاءني اتصال متلهف ليطمئن علي و علي اخواني 

اخبرني المتصل ان حبيبة احمد عبد العزيز قد ارتقت شهيدة 
هزني الخبر من اعماقي .. لم ألتق بحبيبة الا مرتين احداهما كانت تحية يوم العيد و الاخري كانت في المستشفي  الميداني في اخر ايام رمضان بعد الفجر و كانت مريضة و تتألم و لكنها كانت مع هذا تبتسم 

 لما وصلت فوجئت بالمأساه ستة ادوار مليئة بالاطباء و المصابين و الشهداء كل من ليس موجودا في المستشفي الميداني هو بالفعل في مركز رابعه المنسقين جميعا الاطباء و التمريض لم يفكر احد في الهرب الله اكبر كانت مهمتنا تصنيف الحالات 
  • اصابات العين في الطابق الاول
  •  اصابات الرصاص في الصدر و الرأس في الطابق الخامس 
  • اصابات العظام الشديده في السادس 
  •  اصابات الرصاص الحي الخطيره في البطن او الاطراف  في الطابقين الثاني و الرابع

لا مكان هنا لاصابات الخرطوش و الغاز و الكسور التي لا تعجز الحركة هذه نعمة تحسد عليها اليوم 
تدفق الحالات غير معقول الغريب ان من ينقل المصابين يعودون مباشرة الي خط النار ثبات و صمود لم ارهما من قبل 
صعودك علي ادراج المركز صعبة جدا اذا صعدت منفردا و لكن الابطال صعدوا حاملين اخوانهم

هذا صمود اسطوري بالنسبة لقصص الخيال 
الجميع يصر اننا لن ننفض ما نفكر فيه هو كيف ننظم ما افسده المجرمون في الميدان كيف سيكون سقوط هذا العميل المجرم 
خواطر لثانيه او اثنتين يخرجك منها صوت احد اخوانك ( طريق طريق اصابة ) مناديا لفتح الطريق ليمر المصاب الي المستشفي 
الجميع اخوانك الذين تعرفهم بسيماهم

 احدهم كان أستاذي الفاضل حسن عبد المنعم وجدته محمولا و رأسه كلها ملفوفة برباط شاش ادخلته الي الطابق الاول و كانت اصابته في العين 
دخلت لاسلم و اهون عليه فوجدته يبكي و يقول كنا نتمني الشهادة فجائت الاصابة 
اللهم تقبل اللهم تقبل 
 قررت ان اذهب لاتوضأ و اصلي الظهر و العصر حاولت المرور بصعوبه اطلقوا الغاز علينا بشده وصلت الي المستشفي الميداني و توضأت و بدأ القصف علي المستشفي و ضرب الغاز 

خرجت في اتجاه مركز رابعة الغاز كثيف و الاختناق شديد وصلت بصعوبة استغربت اختفاء اخي احمد سمير من امام البوابة وصلت اليها لاقف مكاني لاجد البوابة مهشمه و المدرعة امام الباب المقابل و اذ باحد اخواني يقول لي ( ما تقفش هنا اتحرك بسرعه )احتميت داخل الممر بعمود و انطلق الرصاص مدويا من المدرعة
هم جبناء لدرجة انهم لا يطلقون من الاسلحة الآلية مباشرة 
يحتمون في المدرعة و يطلقون منها 
 يحصد ما يجد امامه لا تستطيع ادخال مصاب و لا تستطيع ان تخرج و مع هذا كان الابطال يدخلون و يخرجون تحت القصف لانقاذ حياة المصابين صعدت الي الدور الثاني وجدت بعض من اعرفهم سلمت عليهم منهم عمار جمعه  و كنت سمعت انه استشهد فسلمت عليه و قلتله اهلا بالشهيد الحي ابتسم ابتسامة تحمل الكثير من الالم 

سمعنا ان كلاب الداخليه يخلون المستشفي من الموجودين فيها صعدت لاطمئن علي فريق المستشفي الاداري كانوا في الطابق الخامس تقريبا رائحة الغاز قاتلة هل وصلت درجة الاجرام الي هذا غاز و رصاص حي علي المستشفي نزلت مع بعض الاطباء  الي الاسفل
و نحن نحاول اخلاء المستشفي من المصابين و الشهداء المأساة انك لا تجد من يحمل المصابين 
تركنا خلفنا مصابين يلفظون انفاسهم 
لم نستطع حملهم معنا 
اطلقوا علي بعضهم الرصاص امامنا 
حسبنا الله و نعم الوكيل 
وجدنا كلاب الداخلية يخرجون الجميع تحت تهديد السلاح خرجنا و كأن أرواحنا هي ما يخرج من أجسادنا كانت الساعه السابعه

خرجنا من رابعة و خلفنا وراءنا ارواحنا 
خرجنا منها و تركنا خلفنا الابطال ما زالوا صامدين 
خرجنا منها و خلفنا بعض المصابين بين الحياة و الموت 
خرجنا و خلفنا ورائنا شهداء حرقت جثثهم
خرجنا منها و هيا أرض مضي عليها قرابة الخمسين يوما لم يتوقف فيها ذكر الله عز و جل ليلا او نهارا 

جسبنا الله و نعم الوكيل 
فقط نقول 

ان لم يكن بك علينا غضب فلا نبالي 



أحمد فهمي 
طبيب بالمستشفي الميداني

No comments:

Post a Comment