Tuesday, August 27, 2013

شاهد عيان - 41 -




رامي فؤاد حافظ



شعرت بحزن شديد تجاه ما حدث في الايام الاخيرة وكدت ان ابكي في بعض المواقف ... فكرت كثيرا في الا اتحدث ولكن قررت ان احكي .. ..ما حدث يوم الاربعاء والجمعة لم يكن ابدا فض مظاهرات .. وانما كانت مذبحة بكل ما تحمل الكلمة من معاني .. فقد انقضت قوات الداخلية –الخونة- مدججين بكل الاسلحة الممنوعة والمحرمة من قنابل مسيلة للدموع ذات اثار خانقة ومسدسات برصاص حي وبنادق اللاشنكوف الالية وبنادق الرش والقنص على ولادنا واخواتنا من الاخوان –الذين نختلف معهم سياسيا- متحججين بقيامهم بفض التظاهر رافعين راية التفويض الذي فوضهم الشعب اياه متشحين باعلامنا القذر الذي كان ولايزال يشوه الحقائق .. فكانت مجزرة لا توصف .. وتعجز الكلمات عن وصفها ..المشهد الاول يوم الاربعاء الساعة الخامسة فجأة سمعنا ضجة شديدة فنزلنا الى استقبال الجراحة فوجدنا اكثر من 200 شخص داخل الاستقبال كل منهم يحمل ذوييه والذي اصيب بطلق ناري حي اثناء محاولة فض الاعتصام المزعومة ....لم اعد استطيع ان اميز بين طبيب مريض مرافق ممرض .. اختلط الحابل بالنابل والصالح بالطالح ولم اعد اسمع نداء زملائي من ضجة البكاء والعويل والصراخ الممزوج بالالم . حاولت ان امارس مهنتي كطبيب ولكن هول المأساة افقدني تركيزي ... كانت الدماء تغطي الارض وكان لابد ان –تشمر- البنطلون لكي تمر فوقها بكاء في كل مكان.. هذه امرأة تبكي ابنها الغارق في دمه ...وهذا طفل يحاول ان يوقظ ابيه المتوفي ... نافورة دماء تنهمر من جروح المرضى لتغرق بالطو طبيب يحاول ان يوقف النزيف .. ممرضة سقطت على الارض وهي تبكي وتقول : (ليه بس كده .. ليه بس كده ) ..شاب يحمل اخيه ويبكي وجزء من مخه بارز من عظام الجمجمة المهشمة ..جثة ملقاة هناك لا صاحب لها ولا نعرف عنها شيئا ..رجل توقفت عضلة قلبه والتف حوله 15 طبيب على اقل تقدير يحاولون انعاشه ..رجل يحمل جثة وماشي يشتم والدموع في عينه ...طبيب فقد السيطرة على اعصابه وراح يصيح هنا وهناك .. طبيب امتياز صغير يحاول ان يخيط جرح مصاب ويده ترتعش فتسقط منه الابرة 10 مرات على الاقل ..رجل مصاب اصابة طفيفة صدم من هول ما رأى فدعى لنا بالتوفيق وخرج من الاستقبال –وكبس جرحه بحتة شاش – وقال – الحمد لله اني عايش وبتنفس اساسا –عامل يندفع حاملا جهاز وريدي فتنزلق قدمه في بركة من الدماء ويسقط فيها رجل كبير جاء يشد قميصي في استحياء والدموع تغرق عينه وقال – انا عارف انكم مطحونين بس انا ابني غالبا مات بس قولت قبل ما اروح ادفنه اعديه على دكتور يشوفه يمكن يطلع لسه فيه الروح فمبقاش ظلمته - .. روحت ابص على ابنه لقيت نص راسه مش موجود اساسا .. نظرت في عين الاب الملكوم ولم استطع النطق .. فقال من نفسه – شكرا يابني - .. وخده ومشي !دماء في كل مكان .. رائحة الدم تكاد تخنقنا .. لم يعد هناك سنتيمتر واحد في الاستقبال فخرجنا الى الساحة الخارجية لنعالج المرضىوسط كل هذا الصراخ والضجيج لم استطع ان امنع دمعة ساخنة سقطت من عيني وانا اقول حسبي الله ونعم الوكيل .. لما كل هذا

..كان يوما في غاية الصعوبة .. وجديرا بالذكر ان 90% من مصابي يوم الاربعاء كانو من ذوي اللحية .. وهي ملاحظة لا ينكرها الا اعمى او احمق ... فقد كانت تعليمات الداخلية واضحة .. لقد نزلت الداخلية يومها من اجل الثأر – نزلوا ياخدوا بتارهم – كانت التعليمات انزلوا اضربوا في المليان .. ساووا الميدان بالارض ... طلعوهم احياء او اموات .. ليس هناك ما يفسر ان يكون كل المصابين –بدقون – الا انها كانت معركة عنصرية .. مثل مذبحة الزنوج في امريكااي حد بدقن اضرب في المليان .. موته .....لدرجة اني كنت بسعف شاب –بدقن كالعادة – وحين شرعت في فحص نبض يده وجدت الصليب عليها ... فهل هذا كان معتصما ؟؟ هل هذا كان ارهابيا ؟؟..مشهد اخر لن انساه .. كان شاب –بدقن طبعا – ومهندس برمجة جاء مع اخيه وامه .. بعد ان اصيب بطلق ناري حي في يده اليمنى –التي يعمل بها – وساقهكان يبكي .. فاخذت اهدئه واطمئنه بألا يقلق وانه سيتعافى باذن الله .. فرد علي بالاتي انه لا يبكي على اصابته .. ولكنه يبكي لانه بعد ان تم فض الاعتصام واثناء خروجه هو وصديق عمره من مسجد استوقفه ضابط شرطة وامين شرطة وطلبوا منهما البطاقة .. ثم دارت مشادة بينهم فاذا بامين الشرطة يضع البندقية على صدغ صديقه ويطلق النار على مسافة اقل من المتر فسقط صديقه ميتا في الحال .. فسارع هو بالفرار .. وسبب بكاؤه هو انه ترك وراءه صديق عمره دون ان يحمل جثته .هل تتصور ذلك ؟؟ فض اعتصام ؟؟ ام اعدام بدم بارد ؟؟ لقد تفوقت الداخلية المصرية على بشار وصدام وكل السفاحين هذا كان المهندس ...مشهد اخر كان على باب الاستقبال وقد اصبحت رؤية الرؤوس متفجرة اثر طلق ناري بالرأس مشهدا مألوفا في عملية الاعدام الجماعي برعاية الجيش والداخلية .. اذ جاء –ترولي – يحمل شاب وقد تم لف رأسه بالشاش – مبقع بالدم – ومعه مرافق يركض وقد ابتل كل جسمه بالعرق .. ودون ان اسال وجدته يقول : Gun shot at the headهذا كان الطبيب عمر ناصر الذي يتحدث عنه الاعلام .. ذهب ليعالج المصابين فاذا به يلحقهم .. هل هذا هو الارهابي ؟؟ هل هذا هو التفويض الذي اعطاه الشعب ؟؟>>كانت اغلب الاصابات في الراس والصدر .. وعلى مسافات قريبة للغاية قد تصل الى اقل من المتر في بعض الاحيان .. هل تتصور انسان يقف امامك ويصوب سلاحه تجاه رأسك ثم يطلق النار ... ليقضي على حياتك واحلامك .. ويدمر حياة امك وابيك .. هكذا بدم بارد .. لمجرد انك – بدقن – هل هذا هو فض الاعتصام ؟ ام انه اعدام بدم بارد من شخص اقل ما يوصف به انه سفاحهل هذا هو شرف وقسم ضابط الشرطة ؟؟مستشفى الدمرداش اسقبلت فوق ال 400 حالة في يومي الاربع والجمعةما يقال عن امتناع مشرحة زينهم عن اصدار شهادات الوفاة واخراج تصاريح الدفن الا بعد موافقة اهل المتوفي على كتابة منتحر في سبب الوفاة .. حقيقي .. وبناء على رفض اهالي المتوفين ذلك تكدثت جثث ابنائنا واخواتنا في المشرحة خارج الثلاجات لا يحفظها الا بعض اكياس الثلج وقد بدأت رائحة العفن تصيبها..هل يتصور احد هؤلاء المتشدقين بالقضاء على الارهاب موقف كهذا ؟لا اظن ان انسانا له قلب ينبض يستطيع ان يفوض احدا للقيام بهذه المذبحةبل ان البعض قد تجاوز ذلك الى مرحلة الشماتة .حسبي الله ونعم الوكيل .اخ .. ابن ... ام .. اب .. صديق عمر..زوج و زوجة .. كل هذه الكلمات التي تصف اعز ما لدينا في الدنيا لم يعد لها قيمة في هذا الوطن ..

اللهم ارحم موتانا .. ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنالا حول ولا قوة الا بالله .

No comments:

Post a Comment