محمود الأمير
https://www.facebook.com/profile.php?id=601030529
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
مر أسبوع على تلك الفاجعة , مجزرة فض إعتصام رابعة العدوية ..
لم أفكر فى الكتابة فقد كتب الكثير منها , لكن بتصعيد قمع النظام الحاكم الان , فإن التاريخ يزور , و إن الشهادات تكتم ...
فأنا أكتب تلك النقاط بإعتبارى حضرت الفض من بدايته إلى قرب نهايته وأصبت أثناء الإشتباكات فى منتصفها تقريباً , أكتب إليكم تلك النقاط لتحفظوها فى ذاكرتكم وتنقلوها لأبنائكم , فلا نعلم متى ستختفى تلك الكلمات وتزول ..
بعد أن بدأ فض الإعتصام فى السادسة و النصف تقريباً, اكتب تلك النقاط كشهادة عن ما عايشت من مدخل طيبة مول عند إدارة المرور -لم أكن أقف عند طيبة مول فى بداية الضرب و لن تجد شهادات من هناك , لأن كل من كان فى تأمين ذلك المدخل قد إستشهد .. - وبداخل المستشفيات الميدانية و مركز رابعة الطبى .. هذا ما حدث معى بالترتيب :
1-اول ما سمعنا هو صوت إطلاق الرصاص , لم تكن هناك مكبرات صوت للتحذير , لم يكن هناك عربات مطافى للفض بالمياه , هذا بالنسبة لمن كان بداخل حدود الميدان , وهناك شهادة باستخدام المكبرات و المطافى على خارج حدود الميدان , هى شهادة سكان المنطقة , فلا يوجد أحد حى من الإعتصام , ممن كان على الحدود .
2-بدأ عمل عربات الإسعاف وموتسيكلات نقل المصابين لمدة نصف ساعة أو اكثر بقليل ثم توقف عملها لأنها كانت قد احترقت , ولأن سائقيها قد استشهد منهم الكثير (سائقى الإسعاف أصيبوا بالرصاص فى رؤوسهم) ..
3-لم يكن الفض تدريجياً من البوابات إلى الداخل و إنما انهالت قنابل الغاز فى كل الميدان بداخل المستشفى الميدانى و عند المنصة و غيرها لذا فقد كان المصابين و حاملى المصابين و المسعفين و الأطباء فى حالات اختناق وعند كل وابل ضرب يتم نقل المصابين إلى اى مفر
4-رأيت طائرات الهيليكوبتر للجيش و الشرطة , وقد هبطت إحدى طائرات الشرطة فى معسكر الجيش أمامنا (فى تنسيق أمنى ممتاز) قبل ضرب قنابل الغاز بقليل , ما رأيته أن قنابل الغاز انطلقت من داخل تلك المعسكرات ومن عند الطائرات علينا ...
5-رأيت الدخان المتصاعد من الخيام قادماً من عند البوابات ,لا أعلم كيف تم ذلك بتلك السرعة , وتقدم (جرافات +مدرعات+عساكر الداخلية) إلى ما بعد المرور بقليل ...
6-بدأنا فى تكسير الطوب والرد بالطوب بالأيدى و النبل البدائية .., فبدأوا بالتراجع شيئاً فشيئاً وبدأنا فى حمل بقايا الحطام كمتاريس و تقدمنا إلى الأمام حتى وصلنا إلى المرور .. واستمر الكر و الفر كثيراً ..
7-إستراتيجية الداخلية كانت كالاتى .. المدرعات تطلق وابل من الرصاص , ثم تتقدم الجرافات فتمهد الطريق إلى الامام , ثم تتقدم المدرعات مرة أخرى ..
8-تراجع العساكر إلى خلف المدرعات و رأيت معهم الكثيرون بملابس مدنية (تنسيق مع البلطجية)
9-المدرعات بعضها بها رشاشات ذات رصاص يفجر ما يصيب , فأحدهم كان ملاصقاً لى وانفجرت رأسه بمعنى الكلمة وطار عقله (رأيت هذا المنظر 3 مرات) , و اخر انفجرت ذراعه و طارت , و اخر انفجرت رجله .. ,
والبعض الاخر به فتحات تنطلق منها بنادق العساكر و هى ما أصابت رجلى ...
10- عن الطائرات , فقد رأيناها تقترب كثيراً و باباها مفتوح و يظهر منها قناصة لا تسألونى كيف لكنه حدث وعندها كان يقع الكثير , بالإضافة إلى مهمة التصوير .. وتلك كانت تتم كالاتى : تقوم المدرعات بضرب الرصاص فتبتعد الطائرة , ثم تتوقف وتتراجع المدرعات فجأة , فيبدأ المقاومون بقذف الحجارة , فتعود الطائرة و تقف مكانها بزاوية تصوير ممتازة , وهكذا دائماً ..
11-كانت هجمات المدرعة كالاتى : تتقدم بسرعة حتى تصل إلى أول المتاريس فتقف بالجنب , ثم تقذفنا بوابل الرصاص , ثم تتراجع سريعاً و تتقدم أختها ... , وشهادة لله : كان الشباب فى قمة الصمود وروعته رغم هذا المنظر المروع , لم يكن احد منهم ليتراجع أو ليهرب .
12-بعدما أصبت لم أستطع الإكمال فعدت إلى المستشفى الميدانى .. وأول ما لاحظت أن أغلب القاعات تحولت إلى غرف مكتظة بالشهداء ..
13-كلما جلست فى مكان اختنقت من قنابل الغاز , وهذا حال الكثير من المصابين و النساء وبعض الأطفال ومع صعوبة الحركة كان الامر أشد ..
14-دخلت مركز رابعة الطبى لأبحث عن جثمان شهيد قريب إلى قلبى , فوجدت أغلب الأدوار مملوئة بساحات استقبالها بالشهداء , مرصوصين جنباً إلى جنب .. , وقد علمت فيما بعد أن كل الأدوار كانت مليئة على اخر الفض ..
15-أحد زملائى المصابين كان بالدور الخامس وكان الدور مليئاً بالمصابين , وفجأة تم ضرب قنبلة غاز بداخله , سببت الإختناق للاطباء و المسعفين فهرعوا بعيداً -حيث أن الجو كان مكتوماً من كثرة الجثث- , ولولا أنه تشبث بأحدهم فجره معه لكان ميتاً , يروى أنهم حينما عادوا , وجدوا المصابين جميعاً قد إختنقوا عدا أحدهم كان لا يزال على قيد الحياة ..
16-تم ضرب المركز فى أدوار مختلفة برصاص إخترق الحائط , فالشهيدة أسماء صقر كانت تقف وأصابها طلقة فى الرأس اخترقت الحائط , و روى أحد أقاربى أنه كان يقف بغرفة من غرف الطابق , فاخترقت الرصاصة الحائط وقد سبقها حوائط أخرى ! ...
17-عند الساعة الخامسة تقريباً دخلت المركز الإعلامى من ناحية الممر الموصل إلى طريق النصر , لنعبر إلى الناحية الأخرى ناحية المسجد , هرباً من وابل الغاز , ففوجئنا بضرب الغاز أيضاً من ناحية المسجد فوق سطحه حتى لا نصل إليها فنطفئها .. , فجلسنا داخل القاعة المكتظة بالبشر و المصابين و الاطباء , نختنق بهدوء , لا نستطيع الحراك ..
18-توقف ضرب الغاز من ناحية المسجد , فخرجنا منه , ثم إلى البوابة المجاورة للمركز الطبى برابعة , منه عبرنا الشارع إلى ممر صغير , وكانت الجنود تقف لتنتقى من تضربه بالنار أو تعتقله ..
19-فى شارع الطيران كانت هناك عمارة تحت البناء طويلة , بها الكثير من المعتصمين , استطاعت قوات الداخلية حصارها , فحاول بعض المعتصمين النزول من السقالات , فضربوا أرجلهم ليسقطوا من الأعلى على الأرض و تركوهم , ثم بعد أن حاصروا من بداخلها أمروهم بالخروج ووعدوهم بالامان بشرط الخروج خارج الميدان , وحينما بداوا فى الخروج انتقوا منهم البعض فرموهم بالرصاص , روى أحد أصدقائى أن الأخ امامه وهم يخرجون من العمارة محاصرين ضُرب برصاصة فى عينه خرجت من رأسه , فبصق الضابط على وجه العكسرى و قال له" فى عينه يا معفن ! " بإعتبار أن الأصل النشان بين عينيه !
20-كان سيناريو ما بعد الفض جاهزاً تماماً, حينما خرجت فى السيارة , كانت الكثير من قوات الداخلية تقف فى الشوارع الداخلية لتعتقل من يخرج , تم حرق القاعات والمسجد , لأنهم امتلؤوا بالجثث , فمن أجل تخفيف اثار الجريمة , ثم محاصرة المكان وتمشيطه و ازالة كل اثار الجريمة ..
تلك كانت بعض النقاط التى شهدت عليها , فإحفظوها وانقلوها , لا تتركوها تدفن وتزور فيما سيزور من التاريخ إن أردتم ان تنبتوا أبناءً من بنى "الإنسان" ...
لا يهم بعدها إذا ما إختفت الأدلة ولا إذا ما دلست الحقائق , فالله حى لا يموت .. , و الله شهيدُ على ما يفعلون ..
وسنجتمع يوم القيامة جميعاً , كل من كان هناك , القناص والعسكرى و سائق المدرعة و البلطجى , و المناضل حامل الطوبة , و الطبيب و سائق عربة الإسعاف و السيدة و الطفل و من مات مخنوقاً ومن مات منفجراً ومن مات رصاصات فى أنحاء جسده , من طارت عينه ومن تم حرقه ومن تم اعتقاله .. سنجتمع جميعاً ..
ثم يحكم الله بيننا و هو أسرع الحاكمين ..
سبحانه هو العدل , إذا كنا ظالمين فاسدين إرهابيين كما يدعون , فإننا نرتضى حكمه علينا وعدله فهو حكم الحق ..
وإن كانوا هم الفجرة القتلة الظلمة كما ندعى , فإن مصيرهم إلى النار بإذن الله , سيحرقوا ويبكوا فيها دماً بإذن الله ..
فستذكرون ما أقول لكم , و أفوض إمرى إلى الله , إن الله عليم بما يصنعون ..
حسبنا الله ونعم الوكيل , هو نعم المولى ونعم النصير ..
والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته .
No comments:
Post a Comment