Thursday, August 22, 2013

شاهد عيان - 22 -


محمد بسيوني


اخر ساعة فى ميدان رابعة ... كانت الساعة 6 الا ربع مساءاً

مكنتش أكلت منذ أكتر من 26 ساعة ... ومنمتش غير ساعة بعد الفجر
ومن الساعة 6 صباحاً وأحنا فى أهوال من قتل وغاز ونقل جرحى وتحضير مساعدات
غير حرارة الشمس طول اليوم .. كنت وصلت لدرجة من الاجهاد لا توصف

كنت محجوز فى أحد شوارع الميدان الرئيسية .. شوفت المنصة من بعيد داخل عليها اللودر والمستشفى الميدانى تم حرقها والنار تخرج منها .. واحنا متحصرين فى الشارع من الجانبين

والميدان كله أصبح من كل جانب عبارة عن دخان كثيف أسود .. وحرائق كبيرة
وأشتد القنص والقتل بصورة جنونية .. يتساقط حولى الشهداء حتى لا نعرف مصدر ضرب النار لنتجنبها .. النساء تصرخ فينا بالثبات .. وأغلب من فى الميدان كان يكتب نمرة على أيدة عشان فى حاله أستشهادة يتصلو بالنمرة يعرفوهم انه قتل

الكل يردد الشهادتين أستعداد لدورة فى القتل .. الكل تفهم انها أبادة وليس فض

البعض يبكى على ما وصل اليه الاعتصام وعلى وطننا وعلى الظلم الواقع علينا

البعض يدعى فى خشوع وكائن شئ لم يكن من حولنا

البعض يتحدث فى التلفون يخبر أمه او ابوة ان يسامحه .. ويفرح بانه سيكون شهيد

البعض يذكرنا بان الجنه فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت

أشتد القنص أكثر يتساقط حولك شهداء .. ومفيش فى ايدك حاجة غير انك تشيلهم على جمب عشان محدش يدوس عليهم .. لان المستشفى متولع فيها

ألقو كميات كثيفة من الغاز ... وكانت كميات الخل والبيبسى لتخفيف حدة الغاز خلصت .. فمن يهرب من أختناق الغاز على أطراف الشارع يتم قنصة .. ومن يبقى فى المنتصف يكاد يموت من الاختناق

واخبرنا البعض ان نذهب من شارع صغير جانبى ومحاوله تجنب كماين الجيش والشرطة والخروج من الميدان ... كان لا يوجد حل أخر أمامنا لتجنب الغاز والقنص .. والوقوف فى الميدان بدون دفاع عن النفس كنت أراه أنتحار

دخلنا فى الشارع وفوجئنا بان كل البيوت عليها قناصه .. وضربوا علينا بكثافة رصاص حى .. تجدها احيانا تصطدم فى الاسفلت أمامك .. وأحيانا فى الحائط المتحامى فيه .. ونفس المشكلة باننا لا نعرف مصدر القنص .. فكل السواتر خطر

أنقسمت المجموعه اللى خرجت من الشارع الجانبى .. منهم اللى قال أحنا نرجع نموت فى الميدان بكرمتنا بدل منموت واحنا بنحاول ننسحب .. والباقى أكمل محاوله الخروج من الشوارع الجانبية

فوجئنا بمجموعه كبيرة من الشرطة معهم كل أنواع الاسلحة .. شاورلنا ظابط وقالنا أخرجوا ومحدش هيجى جمبكم .. البعض قال دة كمين ورجعو نحية الميدان وهما بيجروا فضربوا عليهم نار من ألى

والباقى فضل فى مكانه .. ومشينا بالاتجاه اللى الظابط قالنا أمشو فيه واتضح انه كمين فعلا .. ولقينا كمية أكبر من عساكر الشرطة

وتعاملو معانا كيهود معتقلين .. شتمونا بأقذر الشتائم وقالولنا ننام على بطننا ونحط أيدنا ورا ضهرنا وضربو بالرشاش فوق دماغنا عشان ننفذ بسرعة وخدو مننا البطايق والتلفونات

وبعد كدة جيه ظابط وخلانا نمشى ونروح لكمين جيش

والجيش عمل فينا أسوء معملت الدخلية ... وشوفت ظابط الجيش اللى كان أمر العساكر بان يتعمل فينا كدة الصليب فى ايدة

ساعتها تأكدت بانى هيتم أعتقالى ولعنت اللحظة اللى خرجت فيها من الميدان .. وتركت أرض الاستشهاد من أجل النجاة لدنيا العبيد ..

بعدها جاء رتبه كبيرة أمرت الظابط بتركنا وخرجنا من الميدان 

وعينى تدمع على حالى بانى خرجت من سوق الشهادة والله أختار كل هولاء واختار من حولى ولم أكن فى مكانه الاختيار شهيد

تدمع على حال ميدان الصمود وهو اصبح كتله من الدخان والنار وخروجنا بهذة الطريقة المهينة

تدمع على بلدى التى اصبحت يقتل فيها من هو أشرف وبقينا نحن أحياء مع أسوء البشر فى وطننا

هذة فقط أخر ساعة من ساعات أرض الاستشهاد

No comments:

Post a Comment