Tuesday, August 27, 2013

شاهد عيان - 40 -



عبد الله الشرقاوي




ليس من عادتي أن أكتب عن ما رأيتهحتى الا ادعي البطولة و الأبطال دمهم لا يزال ساخنلكني اليوم أريد أن أسجل لله ثم للتاريخ ما سطره الأبطال الأشاوس بدمائهمكانت ليلة توقع فيها الأبطال الغدرفأعدوا عدتهم بتوسيع المستشفئ الميدانيصلينا الفجر و نمت قليلا كعادتي بعيد الفجراستيقظت حوالي الساعة السادسة و النصفعلى أخبار أن القتلة قد بدأوا الهجوم من ناحية طيبة مولو بدأ نقل الشهداء و المصابينحامت طيارة القتلة فوقنا على ارتفاع بسيطبدأ سقوط قنابل الغاز الذي يخترق العيون و الجهاز التنفسي و العصبيو بدأت معها محاولات لاطفاء القنابل ووضعها في الماء لكن عددها كان كبيرا و العديد منها سقط فوق الخيام مما صعب اطفائهابدأ الأبطال في التصدي بصدورهم العارية الا من الإيمان بربهم و قضيتهم و لا يملكون من سلاح سوى حجارة يقذفونها علها تدفع عنهم و عن وطنهم ما لحق به من ظلمو حصدت آلة القتل من وكلاء الصهيونية العديد من الشهداء
 
و كان من أوئل من سقطاسلام عباس المتناوي الذي لم أنسى ابتسامته يوم عزاء الشهيد محمد ممدوح الحسيني و يقف على باب قاعته و يقول بلغته العربية البسيطة التي اشتهر بها "عقبى لنا إن شاء الله" و كنا دائما ما أنتظر خبر استشهاده
 
في ما يقارب الساعة ٧ و النصف أي بعد ساعة واحدةتوقف القتل للحظات دخلت قاعة من قاعات المستشفى الميداني لأجدها قد تحولت لمشرحة فيها عشرات الجثث 
 
و بدأت جرافات وكلاء الصهيونية في الدخول لجرف ما في طريقها في مشهد لم أره الا في فلسطين المحتلة تتقدم قليلا تتبعها مدرعة لتطلق الغاز و الخرطوش بكمية كبيرة لتقتل و تصيب فقلما تجد أحد لم يصبه بالخرطوش
 
و بدأ الأبطال في محاولة صنع حاجز من النيران بالخيم المحترقة و ما تبقى منها علها توقف آلة القتل الصهيونية بالوكالة و بدأوا من وراء حاجز النيران قذف الحجارة و قام بعضهم باستخدام النبل لرمي البلي فهذا أقصى ما استطاعوا أن يستخدموه
 
ثم يحدثني أحدهم عن حديث إذا التقى المؤمنان بسيفهما فالقاتل و المقتول في النارفماذا اذا التقيا أحدهما بغاز و خرطوش و آلي و الاخر بحجارة و نبلة
 
و في نفس الوقت كان في ناس قاعدة تولول في بيوتها زي النسوانو نساء في الميدان كالجبالتقف إحداهن تجمع الحجارة في خمارها من الصفوف الخلفيه لتحضره الى الصفوف الاماميةو أخرى تقرع الحديد علها تحمس الشباب و ترعب وكلاء الصهونيةو أخرى تمسك في يديها أدوات التمريض و الخل و الميكوجل تطبب بها الاصابات البسيطة لابطال لم تثنيهم جراحهم عن الصمود و أخرى تقف تحمس الرجال و تهتف "رجالة رجالة رجالة" و أخرى تقف تدعو ربها و تستنصره نسوان رابعة رجالة
 
تتوقف آلة القتل لحظات ثم تعاود تقف المدرعة بجنبها الذي يخرج منه فتحات للسلاح لتحصد الشهداءزاد الدم حتى أكاد أقسم أنك ما كنت تتحرك في الميدان الا و تطأ بقدمك دماء زكية غالية عند ربها
 
لا أخفيكم سرا لم أستطع أن أواصل الصمود مع أولئك الأبطال فقد تعبت و ظللت قريبا من المستشفى و حملت العديد من الجرحى و الشهداءو لا يفارق ذهني ذلك الشهيد الذي حملته مع اخواني و كنت أحمله من ناحية قدمة و لم أرى رأسه ظنا مني أنها مثنية فقط للخلف حتى وصلت المستشفى لأجد أن ما يقارب نصف رأسه لم يعد موجودا
 
في احدى المرات دخلت الجرافات لتحمل في طريقها الحواجز البدائية التي حاول الأبطال صنعهاثم توقفت و رجعت للوراء قليلا صرخ أحدهم هناك اثنين تحت أنقاض الحاجزحاولنا أن نرفع الأنقاضفاذا بالجرافة تتقدم سريعا لتجرف الانقاض مرة ثانية بعيدا
 
توالت أخبار الشهداءأخي و حبيبي أحمد عمار الذي أشهد أني ما علمت عليه الا خيرا و كان دائما في المقدمة بطلا أسأل الله أن يتقبله و الله أسأل أن يحشرني معهكان يقف بجواري في البداية نرمي البلي بالنبل سوياو قبل أن يصلني نبأ استشهاده كانت زوجته في المستشفى الميداني تسألني عنه و تقول لي بثبات إن كان أصيب أو استشهد فقط أريد أن أعرفيحكي أخي أبو بكر الزغبي أنه جاءه أحمد عمار و هو مصاب فأنبئه أبو بكر بخبر استشهاد اسلام المتناوي فقاله"كان لازماذا ما كانش هو يستشهد يبقى مينده كان شهيد عايش بيننا"بطل يرثي بطلثم انطلق الى الصفوف الأولى حتى عاد بجرحه الذي لقى ربه به و هو يقول أنا هعيشو صدق و اللهفقد عاش البطل في جنات الخلد ومات قاتله و ان عاشبعدها رأيت زوجته تدور في قاعات المستشفى تبحث عنه و أخواتها لا يستطيعون مصارحتها بالخبر فقررت أن أكون من يحمل لها البشارة و كم كان ذلك قاسي علي فثبتها الله فكما قال النبي انما الصبر عند الصدمةاللهم أنزل على قلبها و قلب والديه و اولاده الرضا و السكينة
 
بجد انت واحشني قوي واحشني لما كنت أقابلك في الميدان مع زوجتك و انا معاي زوجتي و تناكف في و اناكف فيكواحشاني ابتسامتك الجميلة و صعبان علي ابتسامة بنتك ريم الجميلة اللي العسكر سرقها قبل عيد ميلادها العاشر اللي كنت قلتلي انك بتفكر تعمله في الميدانعزاي الوحيد انك في الجنة باذن الله و بدعي ربنا اقابلك هناك و نكمل ضحكتنا هناك يا ربمكنش نفسي تسيبني اواجه الخونة من غيرك لكن ربنا اختارك فيا بختك 
 
ثم جائني خبر أحمد ضياءذلك البطل صغير السن قرة عين والديهعبقرينو كما كنا نسميه أيام اعتقال والده في القضية العسكرية لا أدري لماذا يتميز الشهداء ببسمتهمتقبلك الله في الشهداء فقد كان الشهيد كما ربته أمه دودة كتب يعشق القراءة واسع الاطلاع على صغر سنهباسم الثغركبيرا بحنانهرحمك الله يا أحمد و ربط على قلب أهلك
 
أسماء البلتاجي بنته الوحيدة على ٣أولادقرة عين أمهارأيت بعدها البلتاجي يمشي بين أهالي الشهداء يشد من ازرهمثم يأتي من يدعي أن القيادات يلقون بنا في اتون النار و اولادهم في مارينا
 
أسماء صقربطلة زوجة بطل من عائلة أبطال أسماء أم لطفلين و حامل لطفل ثال ثصدقت الله فصدقها الله زوجها البطل عصام كان قد ابتلاه الله بوفاة زوجته قبل سنين و هي حامل في طفلها الأول ثم من الله عليه بأسماء ليختارها الله في الشهداء و هي حامل أيضا فالله أسأل أن يربط على قلبه فانما يبتلى المؤمن على قدر ايمانهأصيب البطل بشظية في قدمه فدخل المستشفى مستندا على زوجته فجاءتها الرصاصة في قلب  لتلقى الله و هي مبتسمة فرحة بما آتها الله من فضلهتأتيها الرصاصة في المستشفى و يقف الرجال وسط الميدان و يتطاير حولهم الرصاص لكن الله يختار شهدائه فيصلها الرصاص في مكانها
 
أحمد عبد الفتا حالبطل المبتلى كان قد أصيب في انتخابات ٢٠١٠ يوم السابع بكسر في ظهره لاعتداء كلاب الداخلية عليهو قتل البطل و ترك خلفه طفل لم يعرف والده بعد يبلغ من العمر شهرين
 
و غيرهم كثير لا نعلمهم و بحسبهم أن الله يعلمهم
 
قتل الله من قتلكم أيها الأبطال قتل الله من قتلكم أيها الأبطال قتل الله من قتلكم أيها الأبطال قتلوك يا أخي ألا شلت يدا مدت اليك بقسوة و مجون أصابوك يا أخي ألا شلت يدا مدت اليك بقسوة و مجون اعتقلوك يا أخي ألا شلت يدا مدت اليك بقسوة و مجون اللهم تقبل شهدائنا و داوي جرحانا و فك أسرانااللهم اكشف الغمة عن الأمةاللهم فارج الهم و كاشف الغم فرج عنا ما نحن فيه اللهم ثبتنا على الطريق حتى نلقاك و انت راضي عنا يا رب

No comments:

Post a Comment