Friday, August 16, 2013

شاهد عيان - 5 -


أسماء أنور شحاتة


شهادتي على ما حصل يوم الفض ...

كنت انا وزهراء الساعة ستة ونص في سيارتي ننتظر موعدنا مع شباب ضد الإنقلاب لمسيرة كان المفترض تخرج في الصباح واحنا في العربية بشارع أنور المفتي خلف طيبة مول مباشرة سمعنا صوت اخوة جايين من ورانا وعمالين يصرخوا استعدوا يا اخوة استنفروا وبيخبطوا على اي حاجة تصادفهم وفجأة واحدة لقينا قنابل الغاز بتترمي علينا 
طلعت اجري بالعربية على جوة خط التأمين لاني كنت براه ولو كنا نزلنا من العربية ماكنا لحقنا نوصل لجوة 
تركنا السيارة ودخلنا على جوة الاخوة نبهوا علينا اننا ندخل المسجد والنساء كلهم بيتجمعوا جوة كان كل همي اوصل زهراء لمكان امان علشان أرجع اصور اللي بيحصل
دخنا عند المسجد وولقينا الدنيا هايجة جدا في المكان فجأة واحدة لقينا أول شهيد واصل برصاصة في صدره عاملة جرح شكله غريب بجد واستشهد بعد دقائق من وصوله للمستشفى الميداني
سبت زهراء ودخلت المستشفى لتوثيق الشهداء والإصابات ويا هول ما رأيت 
والله لم تكن قد مرت نصف ساعة ولقينا الاخوة بيوصولا زي العصافير اللي مضروبة من على الشجرة 
الدكتور اللي كان واقف في الحجرة اللي خصصت فورا للشهداء نداني وقاللي محتاجين توثيق صور هنا فدخلت معاهم وبدأت اصور الشهداء كانوا اتنين وفجأة واحدة الحجرة اصبحت مليئة بجثامين الهداء والإصابات كلها في الرأس والصدر والرصاص المضروب آثاره غريبة 
هنزل الصور بإذن الله علشان تعرفوا اجرام الشرطة والجيش 
واحنا في المستشفى الميداني أطلقوا غاز كثيف كنا بنتخنق جوة فوزعوا علينا اقنعة علشان نقدر نكمل 
طلعت على الحجرة التانية اللي فيها المصابين وصورت كتير جوة ورجعت تاني لتوثيق الشهداء 
انا سبت الحجرة اللي فيها الشهداء بعد تقريبا ساعتين من بداية الضرب وكان فيها بالضبط 30 شهيد والعدد بيزيد
للأسف بطارية الكاميرا فصلت مني فدخلت المركز الإعلامي اللي كان مجهز لاستقبال المصابين ويا هول ما رأيت المصابين في كل مكان ومافيش مكان لموضع قدم 
اخدت شاحن واحد زميلنا من اللي كانوا واقفين وشحنت البطارية ربع ساعة ورجعت دخلت عالمستشفى الميداني مرة تانية أكمل توثيق الشهداء وكل ده والضرب واستهداف المستشفى عجيب 
غاز مسيل للدموع وصوت الرصاصات مرعب مع طائرات الهليكوبتر واحدة جيش ووواحدة شرطة بيلفوا حوالينا من فوق 
الميدان كان رمادي من الدخان اللي فيه بعد حرق الخيم 
طلعت من المستشفى مرة تانية لما البطارية فصلت تاني ورجعت عالمركز الإعلامي اعيد شحنها مالقتش الشاحن فخرجت من المكان كله فقابلت واحد عمو عمّال بيكسر في طوب الرصيف فجلست امامه كان يكسّر الطوب وكنت اجمعه في واضعه في اي شئ متاح امامي والاخوة بياخدوه وبينقلوه لبرة المكان ولما عمو تعب طلعت برة مع الاخوة اللي كانوا بينقلوا الطوب انقله معاهم
وقتها قابلت اسماء البلتاجي رحمها الله رحمة واسعة كانت على باب المسجد من طريق النصر بتجمع الطوب في جرد أبيض كقلبها وقفت أجمعه معاها ولما اتملى على الاخر مسكت ايد الجردل علشان انقله 
لحظتها جت عيني في عين اسماء ولما شافتني ابتسمت وتركتني اشيله عنها وطلعت بيه لأدام وفجأة واحدة رصاص رصاص رصاص بيتضرب علينا 
الاخوة نادوا كله ينزل عالأرض فنزلت على ركبتي وفجأة واحدة الأخ اللي جنبي وقع شهيد ..
طلعت الجردل اللي فيه الطوب لحد أخر مكان قدرت اوصله عند الإخوة اللي بيدافعوا عن المكان ورجعت علشان اجيب طوب غيره وانا راجعة ضربوا علينا رصاص تاني ومن تدافع الناس وقعت فضلت على الأرض لحد لما وقفوا ضرب والموضوع كله مش بياخد دقايق يضربوا بوحشية ويصطادوا المعتصمين
رجعت مالقيتش اسماء البلتاجي فوقفت امام باب المستشفى وبدأت أصور مرة تانية بالموبايل المصابين اللي وصلوا 
واحد من المصابين اقصد الشهداء رأسه تلات أرباعها مكانش موجود .. قسما بالله العظيم الدماغ كان فاضي مافيش حاجة جواه وكل ما تبقى مه جزء من الناحية اليسرى والاخوة شايلينه ودخلوه عالمستشفى والضرب هستيري غاز ورصاص
كنت واقفة تحت شجرة الرصاص كان يمر من فوق رأسي يخبط في العواميد حواليا وأسمع أزيزه في الشجرة وورقها كان بيقع فوق راسي 
فيه رصاصات صوتها مكانش طبيعي 
كان فيه آلي وخرطوش وقنابل وكان فيه صوت لرصاص عجيب كإنه أسرع من الصوت صوته مش طبيعي اتمنى يكون طلع في الفيديو اللي صورته ...
رجعت المسجد اطمن على زهراء وأول لما دخلت لقيت فيه دائرة في المنتصف حواليها ناس ومجموعة من الشهداء في النص والاصابات على اليمين والشمال بعد ان امتلئ لمستشفى الميداني فبدأوا يدخلوا على مصلى النساء ، جالي اتصال وقتها من ايثار بلغتني فيه اتشهاد حبيبة أحمد وعبد الرحمن الديب ماتحملت اجلس في المسجد خرجت ابكي وقابلت وقتها هبة زكريا فدخلنا المركز الطبي نبحث عن حبيبة لأنه الخبر لم يكن مؤكد بنسبة مئة في المئة طلعنا ونزلنا في المركز الطبي مليان على اخره مصابين وشهداء ، ولما لم نجدها خرجنا من المركز اللي كان مستهدف بشكل غريييييب من القناصة 

نوافذ المركز فيها رصاصات اضطرت الاطباء انهم يحطوا ملايات عليه علشان يمنعوا استهداف الناس جوة وكانوا بيبعدونا عن اي نافذة في المكان ، خرجت انا وهبة فقابلنا سارة علاء كانت بتحاول تكلم عمو والد حبيبة ولما رد عليها أكد لها خبر استشهاد حبيبة وقال لها انه معاه جثمانها عند طيبة مول 
سارة جريت زي المجنونة علشان تروح هناك وانا وراها بحاول أمنعها لأنه القناصة والضرب كان شغال بشكل جنوني والوصول لطيبة مول شبه مستحيل واحنا واقفين على باب قاعة 2 اللي فيها الشهداء مر من جوارنا اخوة وشايلين جثمان حد فجأة لقيت سارة بتصرخ وبتقع وبتقول اسماااء اسماء البلتاجي
طلعنا نجري ورا الإخوة اللي شايلين اسماء لحد المركز الطبي وحطوها على نقالة وقالوا لنا انها اصابة خطيرة وهتدخل العمليات فورا
شفت اسماء وجهها كان ابيض زي القمر لكن كانت شهيد ة مش مصابة كان وجهها ابييييييض وبارد 
مسحت وشحها وجبينها وحاولت انزل حجابها على طرف راسها لما لقيت شعرها حتة منه باينة والله كانت ملاك كما كانت طول عمرها .. 
طلبوا مننا اننا نننزل ونفسح مكان للشهداء والمصابين فنزلت مش قادرة اقف ولا اقعد ولا اتكلم 
رجعت عند زهراء لقيت المسجد رائحته معبقة بالغاز وزهراء على ايدها طفل لم يكمل ال4 شهور قالت لي انه مع الهرج لقيته على الأرض من غير حد جنبه فشالته علشان مش يتدهس تحت الناس 
الأطفال في المسجد كانوا مختنقين من الغاز اللي بيتضرب بشكل جنوني برة والمكان مقفول والكهرباء قاطعة فمافيش مراوح ولا تهوية في المكان 
الطفل اللي على ايد زهراء بنحاول ننفخ في وشه هوا علشان يكون بخير وفجأة جه خبر انهم وقفوا ضرب برة فالناس كبرت وهللت 
تركت زهراء بداخل المسجد وخرجت أتأكد من الخبر لقيت الضرب شغال أسوأ من ذي قبل ، قابلت وقتها محمد الديب بكيت لقيته هو بيصبرني وبيقول سبقنا عالجنة يا استاذة .. بابا هنا اهو هتبسط اوي لما يشوفك رحت اسلم على عمو خالد كان ثابت وصابر ربنا يحفظه ويحميه ومحمد ما شاء الله كان ثابت جدا ومبتسم و.. ما رأيت مثل ثباتهم وثبات عائلة عمو محمد البلتاجي 
دخلت القاعة 2 لما عرفت انه طنط والدة عبد الرحمن جوة قبلت راسها وايدها وقعدت تحكيلنا عن عبد الرحمن ولقيت احمد المصري واقف بيبكي ولما شافني قاللي عبد الرحمن مات يا اسماء عبد الرحمن اهو يا اسماء وكشف عن وجهه فبكيت
عبد الرحمن وجهه طكان مرييييييح مريح لأقصى حد تراه تشعر انه نائم وهيصحى دلوقتي 
لم احتمل اكثر من ذلك فخرجت جلست على سلم القاعة من برة مع زهراء بسام فجأة لقيت عمار البلتاجي جاي ومبتسم وبيقولنا مش هتسلموا على أسماء!
اسماء هناك في المركز الطبي في الدور الأرضي رحنا انا وزهراء على هناك علشان نسلم عليها قبل ما ياخدوها ولقينا خالتو مامتها ربنا يربط على قلبها ودخلنا قاعة على الأرض مليانة جثامين شهداء والحجرة المتفرعة منها شهداء تانيين بيحاول يكفنوهم
وقفت بجوار خالتو وفجأة لقيت فوق راسي حمالة وعليها جثمان سألت الاخ اللي واقف دي اسماء اشار لي برأسه نعم
وقفت تحت رجلها مسكتها طبطبت عليها وانا نفسي اضمها واخبيها جوة 
وبعد كده قالوا انهم هينقلوا اسماء والعربية واقفة امام المركز تماما من الباب المطل على شارع انور المفتي اللي بداية الضرب كانت عنده 
شالوا اسماء وعند الباب الرصاص الحي والقنص صوته مرعب برة قالوا لعمار بلاش دلوقتي واستنى وهو مصر انهم يخرجوها الان 
فجأة لقيت عمار بيقولهم انا هطلع الأول وانتوا شيلوا اسماء واجروا بسرعة هنحتمي بين سيارتين واقفين امام الباب 
عمار خرج بسرعة واحتمى بين السيارتين وبعده على طول الاخوة شالوا اسماء وطلعوا يجروا وقدروا يوصلوا بين السيارتين لحظة ما وصلوا جت مدرعة شرطة كبيرة لم أرى في حياتي مثلها إلا في الاخبار التي تأتينا من فلسطين 
وبدأ زخ الرصاص علينا واحنا جوة المركز الطبي يا كلاب
ضربوا علينا حي وخرطوش والناس بترجع لورا الباب التاني كان عنده ضرب 
كله وقع على بعضه على الأرض بيحاول يحتمي من الرصاص اللي نزل علينا زي المطر ووقتها حسيت بشئ بيحرقني في جنبي بشدة ووقعت عالأرض ومش عارفة اللي فيا ده رصاص ولا خرطوش 
انا بصحى ولا بموت 
الاخ اللي كان واقع جنبي قاللي انتي مصابة لا اله الا الله وقعد يرددها وانا ارددها وراه واستسلمت للحظة اني خلاص بموت رغم اني مش حاسة بوجع الموت ومش متخيلة انه الوجع اللي فيا ده وجع رصاص والكلاب برة واقفين عالباب لسه بيضربونا بالرصاص
وقتها استشهد اتنين من الناس اللي كانوا واقفين معانا وفجأة لقيت الاخ د بيشدني على جوة الغرفة اللي فيها الشهداء علشان دكتور يشوفني فوقع في لحظته اخ تاني امامي صرخت فيه قلت له هو اولى خده هو فأخده بإيد وبيشدني جوة بالإيد التانية 
كان معايا سلمى وقالت لي انتي مصابة خلي الدكتور يشوفك وهي ايدها بتنزف الدكتور قاللي فين الوجع قلت له مافيش وجع مش حاسة بحاجة شوف سلمى فعالج ايدها بسرعة ودخل علينا مصاب تاني فراح علشان يشوفه بسرعة وكان فيه واحد قاعد عالأرض عمال يقول انا بنزف انا بنزف
واحنا واقفين الناس بتنبه علينا خدوا بالكم من الشهدا خدوا بالكم من رؤوسهم تحت رجليكم !
مافيش مكان للحركة والكلاب لسه بيضربوا نار بره 
فجأة واحدة لقيت اللي واقفين ناحية الباب بيخرجوا بيخرجوا واحنا مش عارفين نخرج ولا نفضل دورت على زهراء بسرعة ولما لقيتها كان واقف جنبنا واحد قال ما تخرجوش اللي بيخرج اكيد بيقتلوه بس اخدنا قرار اننا نخرج وأول لما خرجنا من الباب لقيت في وشي من باب الغرفة التانية الكلاب وهما ببنادقهم بيخرجوا الناس اللي في الخحجرة التانية والباقي بيفتش باقي المبنى وخرجونا كلنا وسط ضرب النار اللي برة ومشونا في صفين كإننا أسرى حرب ، ولما التفت ورايا لقيت النار بتاكل في حاجة .. وقتها الإصابة بدأت توجعني بشدة وبدأت أحس بالدم بينزل منها وبتورم
فضلنا ماشين في الطابور وسط حراسة كلاب الشرطة والضرب لسه شغال من ورانا 
مرينا على شارع الطيران تحول إلى خرابة والله العظيم خرابة والدخان والنار تأكل ما فيه 
فضلنا ماشيين في شوارع جانبية ووقتها قابلت مروة مع والدتها ولما شافتني وعرفت اني مصابة اخدتني معاها انا وزهراء على بيتها ، واحنا واقفين مستنيين جت اسماء الخطيب وقالت لنا انهم حرقوا المستشفى الميداني والمركز الإعلامي باللي فيه والمكانين كانوا مليانين جثامين شهداء ومصابين ، واحنا خارجين من المركز الطبي اللي قدر ينقل مصاب نقله واللي كان بينقل شهيد نقله ..
واحنا ماشيين في الشارع الناس كانوا بيوقفوا العربيات علشان تنقل المصابين والشهدا اللي معاهم 
العربيات كانت على اخرها .. عربية منهم كانت ناقلة 3 شهداء واحد على الكنبة ورا وواحد على كبوت العربية وواحد على شنطة العربية 
المنظر كان بشع ومرعب ماشيين مش عارفين احنا رايحين فين وايه اللي بيحصل جوة والتليفونات فصلت شحن والشبكة كانت سيئة 
حاولت اوصل لرميساء وماعرفتش لحد لما كلمتها وعرفت انها متحاصرة في العمارة اللي كانت فيها وانها مصابة في رجلها بالخرطوش حاولنا نوصلها وماعرفناش
مشينا من المكان علشان نوصل عند مروة طول الطريق كان فيه أكتر من 20 كمين أغلبهم بلطجية وكل الكماين مسلحة المسدات في ايدهم كإنها لعبة ماسكينها 
كمين من اللي عدينا عليهم واحد منهم لمح الكمامة مروة كانت سايقة ومانتبهتش انها تشيلها لقيناه خبط عالعربية ووقفنا وقالها ايه اللي انتي لابساها دي انتي متوترة ليه كده انتوا جايين من رابعة !
لولا ستر الله ماكناش عدينا من الكمين بسلام 
لحد لما وصلنا عيادة دكتور علشان اشيل الخرطوش اللي في جنبي .. الدكتور قال انه مش هيشيلها لأنها محتاجة عملية جراحية ومكانها مش خطير لو عملت مشاكل هيشيلها بعد كده فرجعنا على بيت صديقتي كنت أنا وزهراء بسام 
لحد تاني يوم ..
دي شهادتي على ما حدث وما مررت به خلال يوم 14 – 8 – 2013 أثناء فض الإعتصام في رابعة العدوية 
الصور والفيديوهات في مكان أمين إن عدت اليوم رفعت كل ما معي بإذن الله فيديوهات وصور الشهداء في رابعة وفي مسجد الإيمان ..
أكتبه الان قبل نزولي من البيت لجنازة الشهيدة بإذن الله اسماء البلتاجي واليوم يوم حسم بإذن الله ..
مكملين فإما نلحق بهم أو نأتي بحقهم ..
والله المستعان

No comments:

Post a Comment