Tuesday, August 27, 2013

شاهد عيان - 38 -


محمد سليم


محمد سليم "محرر الحرية والعدالة" يروى شهادته عن مجزرة فض النهضة

محمد سليم- الصحفي بجريدة الحرية والعدالة، والذي كان متواجدا في ميدان النهضة يوم الفض لطبيعة مهمته الصحفية، ومع ذلك لم يسلم – محمد- من الإصابة، ومن التعرض لموت كان قريبا منه طوال اليوم، شاهد – محمد – كذلك أنواعا غريبة من الأسلحة والمعدات والتي لم يتوقعها علي الإطلاق، خاصة أنه عاصر حرب الكيان الصهيوني علي غزة قبل ذلك، ولم يشاهد مثل تلك المعدات قد استخدمها الصهاينة أنفسهم.

ليلة هادئة .. وصحافة كاذبة
في البداية يقول- محمد سليم- كنت مكلفا بتغطية أحداث ميدان النهضة من الساعة 12 منتصف الليل وحتي الثامنة بعد فجر يوم الأربعاء، كمتابعة يومية للجريدة بحسب مهنتي، وقد كانت الليلة هادئة جدا في الميدان، البعض يقيم الليل بالصلاة والذكر، والبعض الآخر يلعب الكرة، مع استمرار التوافد في الدخول والخروج علي الميدان حتي الفجر، وكانت الأعداد ما يقرب من 30 إلي 40 ألف معتصم، كما كان هناك توافدا من بعض محافظات وجه قبلي خاصة الفيوم وبني سويف.

ويضيف إنه في حدود الخامسة بعد الفجر تقريبا سمعت بوجود مجموعة من الصحفيين عند مدخل الميدان، ما بين من 20 إلي 25 صحفي، ليس بهم سوي واحد أو اثنين أجانب فقط والباقي مصريين جاءوا في سيارات الشرطة، وعندما وصلت، وجدتهم محاطين بكاردون أمني، وعندما تحدثت معهم حول سبب وجودهم الآن، قالوا أن:"الميدان سوف يتم فضه، ونحن هنا للتصوير"، وعندها جاءني الضابط وسألني عن سبب تواجدي فقلت له أني صحفي وأبرزت له هويتي الشخصية، فطلب مني أن أدخل الميدان أو أمشي سريعا، وعندما طلبت منه أن أظل واقفا مع هؤلاء الصحفيين قال لي أن هذا غير مسموح.

وتابع : بعدها بقليل سمعت إحدي الصحفيات تقول لزميلتها :" قبيل أن يبدأ الفض اكتبي خبرا عاجلا فحواه إطلاق نار كثيف من داخل ميدان النهضة، علي قوات الدفاع المدني". وهنا عدت إليها وقلت لها كيف تقولون ذلك وأنتم ترون أنه لم يحدث بالمرة، ولا وجود لأي سلاح داخل الميدان، كذلك لم يكن في محيط المكان بأكمله أية سيارة للدفاع المدني، مما يعني تبييت نية الكذب والتضليل من قبل الصحفيين بالإتفاق مع قوات شرطة الانقلاب.

بداية الفض..20 دقيقة من الألم
ويكمل محمد سليم حديثه عن يوم الفض : بعد أن دخلت الميدان مرة أخري ومع بداية عملية الفض، شرعت عربات "اللودر" الكبيرة التي تعمل في المناطق الجبلية والصخرية في الدخول وإزالة أية حواجز ومهدت للاقتحام، وهنا بدأ كل من في الميدان في التكبير، وسادت حالة من الهرج الشديد، كما صاحب عمل "اللودرات" إطلاق قنابل غاز بكثافة، مع إطلاق رصاص حي من داخل حديقة الحيوان علي المعتصمين السلميين. وهنا بدأت أشاهد ما لم أتوقع يوما أن أره في حياتي، فقد رأيت شابا يطير نصف وجهه بالكامل من أثر القصف.

ويستطرد: عند ذلك بدأت في الجري بعيدا عن تأثير الغازات المقذوفة بكثرة، خاصة أنه لم يكن معي قناعا للوقاية منها، ودخلت حديقة الأورمان قاصدا المنطقة ما بين دورات المياه وسور الحديقة، وهناك لاحظت الطائرات المحلقة بكثافة، كذلك أدركت أن هناك سيارات تقوم بإطلاق أصوات مؤثرة علي الأعصاب، وعلي الجهاز الكهربي والعصبي للإنسان، فيفقد الإنسان السيطرة علي جسده.

ويقول الصحفي بالحرية والعدالة : بعد قليل، توافدت المدرعات علي حديقة الأورمان وأخذت تقتلع الأشجار والنخيل، وشاهدت أيضا بعيني أحد الشباب جاء يجري لينقذ سيدة كانت تعدو هي وبناتها ولا تستطيع المشي وحدها، فجاء ليساعدها ليخرج بها، فتم – أمام عيني- قصفه من طائرة، فأصابته علي الفور رصاصة في الرأس وخرجت من أسفل الرقبة، فتطاير من أثر ذلك قسما كبيرا من قفصه الصدري، وارتقي شهيدا علي الفور. وقد رأيت آخر مقصوفا بطريقة عجيبة للغاية، حيث ترك القصف في بطنه قطرا لا يقل عن 10 سم، بحيث كنت أستطيع أن أري الجهة الأخري عن طريق تلك الفتحة. وقد أخبرني من لهم خبرة في الجيش بعد ذلك أن تلك إصابة برصاص –نصف بوصة- والذي يستخدم علي المدرعات نفسها، مما يعني قصفه بمدرعة جيش.

وهنا- والحديث لـ"محمد سليم"- بدأ تأثير ذبذبات الأعصاب يظهر علي جسدي بسرعة، فلم أكن أستطيع التحكم الجيد في الحركة وتبلد لساني وكان ينطق بصعوبة، فأخذت في ترديد الشهادة لظني الكبير بأني سألقي الله الآن، فكل من كان حولي قد ارتقي شهيدا في وقت قصير للغاية. وقد توافدت المدرعات وتكاثر القصف المباشر في مستوي الرأس مباشرة، وعندها انكفأت أرضا ساقطا علي وجهي، ومد لي أحد المعتصمين يده ليساعدني، فتحاملت عليه بقوة وساعدني في الخروج من الحديقة حتي منتصف الميدان. وقد أدركت أني سقطت هناك نتيجة إصابتي بقنبلة مسمارية، وبدأت أشعر بألم شديد في الرجل والظهر لا أتبين مصدره. ومع ذلك لم يكن بإمكاني ولا بإمكان أي أحد الخروج من الميدان مطلقا، ولذا لم يكن أمامي سوي دخول كلية الهندسة ظنا أنها أكثر أمانا من الخارج.

ومن الجدير ذكره هنا أن كل ما حدث حتي الآن وحتي اتجاهي إلي كلية الهندسة لم يستغرق أكثر من 20 دقيقة فقط.

داخل كلية الهندسة
يضيف– محمد- متحاملا حين يتذكر تلك الأوقات الشديدة- كان الشخص الذي ساعدني علي الخروج من الحديقة قد أُنهك تماما وجلس إلي جواري عاجزا عن الإستمرار، فقد كان طيلة الطريق يكاد يحملني تماما وإن هممت بالوقوع رفعني، ولكن حين بلغ منه التعب مبلغه، لم يستطع المواصلة، وارتميت علي الأرض مادا يدي لكل من أراه ليجرني معه ولكن كان القصف وتدافع الناس أكبر من أن يلتفت إليّ أحد، حتي أسرع إليّ شيخ كبير، أعانني من منتصف ميدان النهضة وحتي باب كلية الهندسة، وكأن تلك المسافة القصيرة عمرا بأكمله، وفي هذا الطريق أيضا شاهدت جثامين النساء الشهيدات ملقاة علي الأرض، وأطفال مفزوعون كُثر، لا يجدون أحدا من أهليهم. بخلاف القصف الذي تسبب في تفتيت الرأس بأكمله، وهذا رأيته مثلا فيما يقرب لثلاثة من الشباب.

يتابع –محمد- داخل كلية الهندسة أخذت في الزحف علي جانبي الأيسر، وذلك مع الحذر الشديد لأن الطائرات فوقي وتكاد تقنصني في أية لحظة. وبالدخول إلي الكلية، لم أكن المصاب أو الجريح الوحيد، واستقبلتني مجموعة من الأخوات كنت أتعجب صمودهن ووقوفهن هكذا لمساعدة الفارين إلي الكلية بالدخول بين المصابين. وعند ذلك أدركت أني أقل الناس إصابة، بل إن ما بي لا يكاد يذكر بجانب المصابين بالداخل، ومع ذلك اتجه إليّ أحد المتواجدين في المكان، لمساعدتي، وبعد الكشف تبين أن الإصابة أسفل الحوض بعدد من الشظايا الناتجة عن القنبلة المسمارية، بخلاف حرق حول الجروح التي سببتها تلك الشظايا. ولم يكن بإمكانهم مساعدتي بأكثر من ربط الجرح ببعض الشاش، ورفع قدماي إلي أعلي لتخفيف النزيف.

ويكمل محمد : عقب صلاة الظهر تقريبا هدأ القصف قليلا حول مبني الكلية، ولكننا أصبحنا محاصرين بداخلها، ولا نستطيع الخروج في حين يستمر القصف علينا، بعد قليل استقر الرأي علي نقلنا-نحن المصابين- والنساء والأطفال إلي الغرف العلوية المكيفة، لأنه إذا حدث اقتحام لن يستطيع المصابون الحركة، وسيكونون أول من يُقتل. وبعد انتقالنا إلي أعلي، بدأ القصف من جديد مستهدفا المكيفات، والنوافذ، فبدأنا في الانتقال من غرفة إلي غرفة، وقد أكد لي من لهم خبرة بعض الشيء أنه لا قدرة علي اختراق الحوائط بهذه الكيفية إلا لطلقات- النصف بوصة- والتي تنطلق من المدرعات. كذلك بدأ آثر ذبذبات الأعصاب المستخدمة تظهر علي الكثيرين المحاصرين داخل الكلية، وذلك في شكل نوبات "جنون" أو هياج عصبي شديد.

ويواصل محمد حديثه قائلا: قد كان من ضمن المصابين بجانبي صبي في حدود الخامسة أو السابعة عشرة من عمره، مصابا برصاصة دخلت من جانبه الأيمن وخرجت من الأيسر، واستمر بجواري يعاني ويتمتم، حتي ارتقي شهيدا عند ربه، أيضا شيخ كبير كان مصابا بطلق ناري في الصدر، جلس بيننا قليلا ثم ارتقت روحه ، كذلك كان إلي جواري أيضا من بين المصابين طبيب تحاليل اسمه "هشام" وكان مصابا في رجليه كلتاهما وكان ينزف من أثر ذلك، ومع ذلك لخبرته الطبية كان يطمئنني علي إصابتي وأنها بسيطة بإذن الله.

ويستطرد: استمر حالنا علي ذلك؛ معاناة بين مصابين يتألمون، وآخرون أراحتهم الشهادة من كل ألم، وارتقوا نتيجة عدم وجود أية إمكانيات للإسعاف أو التطبيب أو حتي الخروج من المكان، حتي أن أحد المصابين بطلق خرطوش والذي من المعروف أنه أقل من الطلقات النارية في الأثر بكثير، ومع ذلك فقد لقي ربه من كثرة النزيف وعدم وجود إمكانية للسيطرة عليه. وقد ارتقي حتي بعد ظهر اليوم بقليل ما يقرب من 30 حالة، وجميعهم ممن دخلوا المكان مصابين، فلم يدخل الكلية أي شهيد من خارجها، ولكن اترقوا جميعهم في الداخل. وبدأنا في نقلهم إلي القاعات المكيفة لحفظ جثامينهم، لعدم معرفتنا بالطبع متي سينتهي عنا هذا الحصار.

يتابع- محمد- حاولت عند ذاك عمل مجموعة من الاتصالات من بينهم مكالمة لهيئة الإسعاف المركزية، وللأسف أخذ المتصل به حينها في السخرية والتهكم، ولم يلبي طلبنا في إرسال سيارات إسعاف، بل زعم أنه لا يعلم أين هي كلية الهندسة ويشك أساسا في وجود كلية بهذا الاسم، أو أن هناك اعتصاما من الأساس عند جامعة القاهرة.

ومن الطريف أنني عندما اتصلت بالصحفي-قطب العربي-الأمين العام المساعد للمجلس الأعلي للصحافة- وجدته بين المحتجزين معنا في إحدي مباني كلية الهندسة، ولذا فقد اتصلت بنقيب الصحفيين نفسه - ضياء رشوان- فردت علي الهاتف سيدة فحكيت لها ما نحن فيه وأني أريد محادثة ضياء رشوان لذلك، فأغلقت الهاتف علي التو.

الخروج من الحصار، والكمين في ميدان الجيزة
يردف -محمد-: استمر وضعنا علي هذا النحو حتي الثامنة مساء، بلا طعام أو شراب أو إسعاف، ولا وجود سوي للمياه في المكان، حيث بدأ كل منا في الاستعداد للقاء ربه وفي ترديد الشهادة بكثرة، وفي الثامنة مساء، أعلن المحاصرين لنا بأنه سيتم الإفراج عنا، فتحاملت علي بعض من عرفتهم، حتي وصلنا إلي ميدان الجيزة، وهناك عاود الضرب علينا من جديد، حيث انتشرت جموع البلطجية في محيط الميدان من كل جانب، وأخذوا في التعرض وضرب ومحاولة قتل لكل ذي سمت إسلامي، حتي أن المنتقبات من النساء كن يخلعن النقاب مخافة البطش بهن.

ويضسف : في ميدان الجيزة كان مثل يوم الحشرحيث تكالبنا علي عربات الأجرة المتجهة إلي أي منطقة بعيدة عن الميدان،حتي أن البعض كان يركب فوق سطح سيارات "الميكروباص", كل ذلك ونحن في شدة الضعف والوهن من أثر الجروح والإصابات وقلة الطعام والشراب، ولذا لم نستطع الدفاع عن رجل ملتحٍ أو سيدة منتقبة، وهو شعور غامر بالعجز وقلة الحيلة.

وعقب ركوبنا وحين انطلق سائق "الميكروباص" في طريقه كان البلطجية ينتشرون كذلك في كل المناطق المجاورة، وحتي البعيدة عن الحدث، وهنا عقدت صفقة مع السائق أن يوصلنا إلي بلدتي في "الحوامدية"، علي الأقل حماية لمن كان معنا من النساء والأطفال، فلم يكن بإمكاننا تركهن ينزلن في أي طريق، واستغل السائق الموقف وطلب ألف جنيه علي ذلك، فوافقت ودفعت له ما كان معي -200 جنيه- مقدما، وعند وصولنا دفعت له الباقي.

رحلة علاج
بعد أن استقر الوضع في بلدتي-والحديث لـ"محمد"، جاءني أهلي بالطبيب وقد كانت قواي قد خارت تماما، وكانت الإصابة قد تركت قطرا يقدر بـ 2.5 سم، واضطر الطبيب لتوسعيه قليلا ليتمكن من إخراج الشظية الأولي والتي كانت تشبه-السلك الشائلك-، هذا مع بعض التقطيع في الأوردة والشرايين نتيجة الشظية ثم من بعدها الجراحة لاستخراجها، وبالرغم من وجود شظية أخري إلا أن الطبيب قال أن إزالتها قد يتسبب في ضرر أكبر، فتركها علي أمل أن تكوّن حولها أليافا فيما بعد، وتظل غائرة ولا تتسبب في شيء –بإذن الله-.

ويقول :" رغم جراحي وآلامي لم يتواصل معي أية مؤسسة إعلامية أو صحفية أو حتي نقابة الصحفيين باعتبار أني كنت أؤدي هناك مهمة صحفية، وكذلك لم يتواصل معي من المراكز الحقوقية سوي اثنين فقط من بينها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان".

أصعب المشاهد
يقول –محمد سليم- أصعب ما واجهته من مشاهد في ذلك اليوم العصيب، كان لسيدة ملقاة علي الأرض وعلي يدها بجانبها الأيمن ابنها فاقدا للوعي تقريبا، والأيسر ابنتها تغرغر وكأنها في النزع الأخير، ومع ذلك جاءت مجنزرة جيش و"دهستهم" بالكامل، بحيث تساووا بالأرض تقريبا، في مشهد يصعب علي الإنسان حتي مجرد تخيله.

وفي مشهد آخر، كان البعض يظن أنه إذا ذهب أمام المدرعة فسيكون آمنا لخلوها من الرصاص، ولكن ما إن يذهب البعض إليها حتي يرش عليهم من بداخل المدرعة مادة صفراء "سبراي" تصيب بحروق سريعة في الوجه والجلد.

والأصعب والأكثر إيلاما كان شابا في خيمته، ألقيت عليه قنابل غير عادية، أصابت الخيمة بحريق مباشر، ومن ثم أصيب هو أيضا وانتشرت النيران بجسده بسرعة وكثافة عالية، وأخذ يتقلب علي الأرض أمام عيني من شدة النيران. وكان مثله مثل شخص صبوا عليه كمية من البترول أو البنزين وأشعلوا فيه النيران مرة واحدة.

ويضيف : كذلك حكي لي من شاهد بنفسه عند دورات المياه في حديقة الأورمان، أنه رأي بعينه أحد الضباط وأمامه ملقي علي الأرض 6 من الجرحي يتأوهون في آلامهم، وهو مسيطر عليهم في وضع استسلام، ومع ذلك أطلق علي رؤوسهم جميعا الرصاص الحي وأرداهم علي الفور. وقد شاهدت أنا أيضا من قبله أن اطلاق النيران في بداية اقتحام حديقة الأورمان كان علي الرأس والبطن مباشرة، في حين أن توقيت هذا الاقتحام كان يعني وجود نسبة كبيرة من النساء والأطفال في الحديقة لاستخدام دورات المياه قبل أن يستيقظ بقية المعتصمين، مما يعني أنهن وأطفالهن كن الأكثر ضحايا هناك.

ويؤكد –محمد- في شهادته أن المعتصمين تم التعامل معهم وكأنهم حشرات ليس أكثر، فلا وجود لأية إنسانية لكل من شارك في تلك العملية، ومن جانبي-محمد- فقد حضرت عن قرب وكنت متواجدا في الحرب الصهوينية علي غزة في عامي 2008، و2012، ورأيت بنفسي آثار تلك الحرب، وطبيعة الجروح والإصابات التي كانت تذهب للمستشفيات هناك بغزة، ومع ذلك فلم تكن هناك أية إصابات مثل تلك التي حدثت يوم فض الاعتصامات بمصر، فالرصاص الذي كان يُضرب علينا كانت تطير من أثره نصف الرأس، أو يفرغ البطن بأكملها. ولذا فلم يكن أحد من المصابين معنا بكلية الهندسة يومها والرصاصة مستقرة بجسمه، بل تخترق وتخرج من ناحية أخري.

ويقارن –محمد- بين ذلك وبين ما كان يحدث من المعتصمين من قبل حينما يلقوا القبض علي أحد البلطجية يحاول الاعتداء علي الميدان، فقد كانوا يأخذونه داخل الخيمة ويعالجوه ويداوه، في مشهد إنساني لا يعرفه أيا ممن أقدموا علي جريمة الفض تلك.

ومن جانب ينتصر –محمد- لحقيقة أن الهدف لم يكن الفض في حد ذاته ولكن الإبادة التامة، والدليل علي ذلك أن المتعارف عليه لاستخدامه في فض أي اعتصام، خراطيم المياه، أو العصي، أو قنابل الغاز، أو حتي رصاص الخرطوش علي أقصي تقدير، لكن أن يتم استخدام ذبذبات لتدمير الأعصاب، وطائرات تضرب علي مسافة قريبة جدا، ورصاص نصف بوصة، فضلا عن القنابل الحارقة. هذا مع محاصرة الميدان وعدم السماح بالخروج منه، فلو أن الهدف كان الفض، لتركت قوات الانقلاب سبيلا آمنا يخرج منه الناس، في حين أن ذلك لم يحدث. ولم يفرق من يضرب في الهدف مهما كان رجلا أو طفلا، شابا أو امرأة، مصابا أو سليما، كلها أهداف متساوية لديهم.

وسينتنج –محمد- أن منع الانقلابيين حتي الآن من الدخول إلي الميدان ما يؤكد أنهم علي يقين أن هناك مخلفات من الممكن أن تكشفهم وتدينهم أمام العالم، فليس من المستبعد وجود كمية من القنابل مثلا لم تنفجر، وهناك أشياء كثيرة كانت تلقي علي كلية الهندسة وتقع في حديقة الحيوان ولا تنفجر.

No comments:

Post a Comment